الجمعة، 29 يونيو 2012

فى الثورة المصرية: من الذى يصنع الفوضى؟


من الأفكار التى نسمعها كثيرا أن الأحوال فى مصر كانت لتسير بشكل سلس و بدون فوضى أو صدام لولا تدخل المجلس العسكرى و أنه هو المتهم الأوحد فى صناعة الفوضى. و على الرغم من أن هذه العبارة غير مدلل عليها و تظل فى طور النظرية إلا أنها من كثرة انتشارها و تكرارها أصبحت كأنها حقيقة دامغة لا مراء فيها. بالتالى يجب توضيح بعض الأمور البديهية التى سنصيغها فى شكل مجموعة من النقاط:


النقطة الأولى: أن النظر الى الثورة المصرية بمعزل عن باقى الثورات هو خطأ فادح. البعض ينسى أحيانا أن هناك ثورات أخرى قد حدثت بشكل متزامن مع الثورة المصرية و بالأسلوب نفسه و ترفع الشعارات نفسها. فتجده يقيم الثورة المصرية و آثارها بشكل منفرد. بالتالى اذا نظرنا الى الدول الخمس الأساسية التى حدثت بها ثورات (تونس, مصر, ليبيا, سوريا, اليمن) لوجدنا أنها جميعا تعانى من الفوضى العنيفة بدرجات متفاوتة. فمن حرب أهلية حقيقية فى سوريا و ليبيا وصل الى تدخل الناتو فى الأخيرة الى حشد للقاعدة فى تونس الى الصراع فى اليمن. ربما مصر و تونس رغم كل الفوضى التى يعانيان منها إلا أنهما أفضل حالا من غيرهما.

السؤال الان, هل المجلس العسكرى يحدث الفوضى فى كل هذه الدول؟ ما العامل المشترك بين هذه الدول كلها؟ المجلس العسكرى أم حدوث ثورة؟ لنكن منطقيين و منصفين.

النقطة الثانية: قصر الأطراف المتصارعة فى المشهد المصرى على المجلس و الثوار فقط و تجاهل اللاعبين الدوليين من باب "بلاش نظرية مؤامرة" هو أمر غير منطقى و غير واقعى. غير منطقى لأن افتراض أن مصر خالية من أجهزة المخابرات الأجنبية و المنظمات المشبوهة مثل فريدم هاوس و فريدريش ناومان الى جانب السفارة الامريكية ذاتها و مالها من نفوذ, افتراض ذلك هو أمر غير منطقى بالمرة. مصر دولة ذات أهمية قصوى. فهى فى قلب الشرق الاوسط (اكثر منطقة ساخنة تهتم وزارات خارجية كل الدول بما يحدث بها), و مصر ذات اكبر تعداد فى المنطقة و لها حدود مشتركة مع اسرائيل. فافتراض أنه لا يهم الغرب مسار الاحداث فى مصر و أنهم لا يحاولون توجيه هذه الأحداث هو أمر غير منطقى اطلاقا. فإن لم تنشط أجهزة المخابرات المعادية الآن على أرض مصر فمتى ستنشط و أين ستعمل إن لم يكن الآن و هنا؟ هل هناك ظروف مواتية و مكان أكثر أهمية من مصر الآن؟

قصر الأطراف المتصارعة فى مصر على المجلس و الثوار فقط هو أيضا أمر غير واقعى. لأن الوقائع الكثيرة التى تواترت فى العام الأخير كاشفة الدور الدولى الكبير فى الثورة المصرية هى وقائع لا يمكن تجاهلها. فمن تصريحات السفارة الأمريكية و الملايين التى صرفت فى مصر الى المنظمات الأمريكية التى ثبت تورطها فى التمويل الى اعتراف الثوار أنفسهم علنا فى وسائل الاعلام بأنهم تدربوا و تلقوا تمويلات من الخارج. كل هذا لا يمكن تجاهله. و أكبر دليل على الاهتمام البالغ بتوجيه الاحداث فى دول الخريف العربى هو أن الامر وصل بهم الى التدخل العسكرى المباشر فى ليبيا و ربما قريبا فى سوريا. شاهد بعض الفيديوهات التى تبين الدور الأجنبى فى الثورات:

شاهد فى هذا الفيديو كلام صريح جدا لكونداليزا رايز وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة بعد الثورة تتكلم فيه عن دورها فى الثورات و دعم "الحرية" و" لديموقراطية " فى الشرق الأوسط و هى هنا تتكلم فى مؤتمر صحفى مع جورج بوش نفسه. و يظهر فى الفيديو أنها ترد على سؤال من أحمد صلاح (أحد مؤسسى 6 ابريل) حيث يسألها عن تأخرهم فى عمل "التغيير" و قد كان هو يتوقع "التغيير" فى 2006. لكن كونداليزا بررت بأن نظام مبارك "الذى شاع أنه عميل أمريكا" كان يقاوم تدخلهم بشدة حتى أنه لم تطأ أقدامه أرض الولايات المتحدة من عام 2004 و حتى تنحيه و رفض دعوات شخصية من جورج بوش نفسه اعتراضا على التدخل الأمريكى.  لكنها تقول انهم وجهوا ضربة قاضية للحكومة المصرية بتمويل الحركات التى لا تعترف بها الحكومة بشكل مباشر (و أترك لك استنتاج ما هى المنظمات المعارضة التى لا تعترف بها الحكومة) (كلام كونداليزا يبدأ من الدقيقة 10):



و هنا وثائقى قصير يبين دور الولايات المتحدة و أوتبور الصربية فى تدريب الثوار قبل الثورات بسنوات على "استراتيجيات الثورة" و كيفية حشد الناس و تحريكهم. بل و تشاهد مقاطع من تدريب الثوار على يد بوبوفيتش الصربى و تسمع بنفسك اعترافاتهم - بفخر - على التدريب الأجنبى لهم. و تعرف علاقة هذا بواشنطن و المفكر الأمريكى "جين شارب" مخترع مبدأ "المقاومة اللاعنيفة":



شاهد أيضا هنا دور المفكر الفرنسى اليهودى الصهيونى المؤيد لأسرائيل برنار ليفى فى ثورات الربيع العربى. ليفى كان له دور كبير فى إحياء الثورات و الفتن و الطائفية أينما ذهب. فى أى مكان ساخن فى "الربيع" العربى تجد ليفى :


و لمن بقى لديه شك فى التدخل المباشر و غير المباشر لتوجيه الأحداث, هذا فيديو من مؤتمر صحفى مشترك من تل أبيب يجمع بين برنار ليفى و تسيبى ليفنى (وزيرة خارجية اسرائيل) و هما يتحدثان بمنتهى الصراحة عن توجيه الأحداث و التدخل العسكرى و غيره:


النقطة الثالثة: التى نرد بها على من يقول ان "الفوضى" يصنعها المجلس العسكرى, نقول هل يوجد دليل أقوى من الإعتراف التلقائى ؟ بل و أزيد الإعتراف المسبق قبل حدوث الحدث ؟ هذه مقالة تعود لعام 2006 فى مجلة التايم الأمريكية تتحدث بمنتهى الوضوح عن تصريحات كونداليزا رايس من قلب تل أبيب عندما أعلنت عن "مشروع الشرق الأوسط الجديد" و عن "نشر الفوضى الخلاقة فى أرجاء المنطقة". ثم تمر الأيام, 5 سنوات بالتحديد (خططهم عادة خمسية) و يولد شرق أوسط جديد يطالب بالحرية و الديموقراطية من رحم فوضى و مظاهرات و مواجهات و فتن. هل ينكر هذا أحد ؟ اذن هل هى مصادفة ؟ هل كونداليزا تعلم الغيب ؟ إن من يترك تصريحا واضحا و يذهب ليتهم حكومته بأنها وراء الفوضى دون أى دليل واضح لهو بالتأكيد غير منصف.

اليك أيضا هذا الفيديو من عام 2005 أمام منظمة أيباك الصهيونية الأمريكية (تلاحظ شعارها على المنصة فى شكل النجمة اليهودية) (و لا أدرى لماذا كل تصريحات كونداليزا عن بلادنا تقال أمام الصهاينة). تقول كونداليزا أنه بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر فإن الحكومة الأمريكية قررت مواجهة هذه الأيديولوجية (تقصد الإسلام) بنشر "الحرية" و "الديموقراطية" فى الشرق الأوسط. ثم تقول إنهم نجحوا فى تجربة قدرتهم على "التغيير" فى شرق أوروبا من خلال إحداث "ثورات تطالب بالديموقراطية" فى هذه الدول (تقصد ما عرف لاحقا بالثورات الملونة فى صربيا و جورجيا و اوكرنيا من عام 2000 الى 2005) و أنهم سيستخدمون نفس الأسلوب فى "التغيير" ! هل هناك وضوح أكثر من هذا ؟



النقطة الرابعة:
لو راجعت أحداث الفوضى الجسام التى حدثت فى مصر مثل محمد محمود و ماسبيرو و مجلس الوزراء و المجمع العلمى و أحداث العباسية الخ تلاحظ شيئين هامين موجودين فى كل الأحداث. من الذى يحشد؟ و أين يحشد ؟

 أولا:(من؟) من يحشد الحشود و يهيج و يحرض الناس على هذه الأحداث من داخل مصر هم جهات و وجوه معروفة. فى كل حدث من هذه الأحداث يطفو اسم 6 ابريل, الجبهة الوطنية للتغيير, الثوريين الاشتراكيين, علاء عبد الفتاج, نوارة نجم, أسماء محفوظ, سميرة ابراهيم الخ (هذا الرابط مثلا هو بحث قامت به باحثة فاضلة تتبعت نشاط سميرة ابراهيم التحريضى على تويتر لحشد الناس و تحريضهم فى أحداث سفارة السعودية و أحداث أخرى. هذا مجرد مثال لأسلوبهم). و قد علمنا من الفيديوهات و الوثائق السابقة أن الولايات المتحدة تمول الثوار و الحركات الشبابية بشكل صريح منذ 2005 و أحيانا بشكل غير مباشر من خلال فريدم هاوس و فريدريش ناومان و غيرها من منظمات. من يشك أن هذا تشويه ممنهج لهم فليراجع بنفسه حسابات تويتر لهذه الشخصيات خاصة فى التواريخ المتزامنة مع هذه أحداث الفوضى ,سيجد كما غير عادى من الحشد و التحريض على التخريب بل و استخدام السلاح فى بعض الأحيان. فهل من يحشدهم و يجمعهم و يحرضهم هو المجلس ؟ أم أنهم يعادون المجلس و يريدون اسقاطه ؟

ثانيا:(أين؟) الملاحظ فى هذه الأحداث الجسام التى ذكرناها أنها كلها تمت حول مبان حساسة "سيادية" للدولة (مبنى ماسبيرو, وزارة الداخلية, وزارة الدفاع, مجلس الوزراء, مجلس الشعب الخ). فهل المجلس هو من يحشد الثوار فى هذه الأماكن ؟ أليست هذه هى الأماكن التى تستهدفها أية جهة تريد اسقاط المجلس والدولة ؟  الحشد فى هذه الأماكن يهدف الى وضع القوات المدافعة عنها فى وضع حرج حيث يجب عليها الحفاظ على المكان دون اصابة المتظاهرين و هو وضع حرج جدا لابد أن تحدث فيه أخطاء. هذه الأخطاء يعرف الثوار المدربين جيدا كيف يستغلوها. مبالغة؟ اذن شاهد معى هذا الفيديو من فم الثوار أنفسهم:


وهذا فيديو فى غاية الأهيمة لعمر عفيفى من قلب واشنطن يعطى توجيهاته لمجموعات قيادات الثوار و يحرض الناس على الفوضى و التوجه نحو نفس المبان السيادية التى ذكرناها. و عمر عفيفى لمن لا يعرف هو أحد أهم الشخصيات التى نسقت حركة المتظاهرين على الأرض بخبرته الأمنية السابقة و فيديوهاته التحريضية موجودة حتى من قبل ثورة 25. المضحك فى أسلوبه أنه كأنما يكلم أطفال. يلعب بعقول الجماهير مستغلا جهل و سذاجة قطاع كبير من الناس. فمثلا يحرض الناس على السيطرة على مبان ماسبيرو و المجلس العسكرى و مجلس الوزراء ثم يقول "لكن بطريقة سملية" ! كأن الجنود هناك سيقولون للناس "اهلا و سهلا". ثم يقول بمنتهى السخافة "نتخلص من المجلس العسكرى و يدير الشعب شئون نفسه" !! اليست هذه هى الفوضى بعينها ؟ لكن العجيب أن العديد من الثوار يعتبرون هذا الشخص أحد قيادات الثورة "الوطنيين" و ينفذون كلامه بدقة. و ليست مصادفة بالتأكيد أن نفس المبان التى ذكرها و دعا الى احتلالها بواسطة "الشعب" هى التى حدثت حولها أحداث الفوضى.


و هذا فيديو آخر و هو يحرض بشكل طفولى غبى على أسر الجيش المصرى كله يوم الانتخابات على إعتبار أن هذا اقتراح جاءه من صديق له (حتى يبرئ نفسه إن فشل المخطط. و قد فشل و الحمد لله):


فهل أمام هذه الدلائل نقول المجلس هو من يخطط و ينفذ الفوضى فى مصر ؟ أم أنه من يقاوم مشروع الفوضى الأمريكى؟ 
كلمة أهمس بها لمن يصرخ "بلاش نظرية المؤامرة" : هل هى لا تزال "نظرية" ؟! و متى تصبح "واقعا" اذن ؟!



  

هناك 5 تعليقات:

  1. كلام متكلف هدفه اظهار العسكر بمظهر الحمل الوديع وان الثورة وراها القوى الماسونية الصهيونية العالمية
    برضه يسقط حكم العسكر

    ردحذف
  2. عزيزى غير معرف . هون على نفسك . ده مكان لناس بتجادل الحجة بالحجة والديل بالدليل . خلى صوتك واطى و اخلاقك عالية و ليس العكس . سيتم الترحيب بك اذا اتيت بما يفند ما قيل بشكل موضوعى . و سوف يتم الترحيب بك ايضا اذا كانت هذه هى اقصى امكانياتك لإختيار الكلمات و الالفاظ ( إعمالا لمبدأ فاقد الشىء لا يعطيه ) . لك حرية الإختيار صديقى غير المعرف . لكن صدقنى شكال وحش اوى !!

    ردحذف
  3. الاخ غير معرف ..
    هل وجدت معارضه الان للرئيس مرسى كما كان قبل ذلك امام المجلس العسكرى على الرغم من الاخطاء الفجه ؟؟؟
    هل وجدت من لازال ينادى بحق الشهداء المهضوم حقوقهم امام المجلس العسكرى ومازالو امام مرسى ؟؟؟!!
    هل وجدت من يحشد لسلاسل بشريه و اخوان كاذبون كما كان مع المجلس العسكرى ؟؟؟
    اين ذهب المعارضون رموز الثورة وما تحقق من الشعارات الزائفه للثوره صفر فى المائه ؟؟؟!!!
    تحية اعزاز واجلال للمجلس العسكرى الذى حمى مصر كثيرا ومازال

    ردحذف
  4. كلام طبعا لازم الكل يعرفه و دى حاجة الواحد شايغها من زمان مشكلة الشباب الحماسة واخداه و مش مخلياه يبص غير من اتجاه واحد ز دا اللى خلى شباب غافل كتير وقع فى مصيدة يسقط حكم العسكر ... حسبى الله

    ردحذف
  5. هي دي محتاجة سؤال , النظام الحالي والإخوان علشان يشوهوا صورة الثوار

    ردحذف